الخيل في نواصيها الخير

الخيل جاءنا عن رسول الله عليه افضل الصلاة و السلام الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، ومنها الحديث الذي يشير إلى مكانة الخيل وتفضيلها و الذي قال فيه عليه السلام : ( الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ : الأَجْرُ وَالمَغْنَمُ ) ، و اليوم احبتي في الله نشرح معا هذا الحديث النبوي الشريف و نتعرف على معانيه والوصايا التي جاءت فيه من خلال السطور التالية . الخيل في نواصيها الخير بداية نقرأ معا نص الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: فَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ ، وَلِرَجُلٍ وِزْرٌ ، فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ : فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ وَيُعِدُّهَا لَهُ ، فَلَا تُغَيِّبُ شَيْئًا فِي بُطُونِهَا إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرًا ، وَلَوْ رَعَاهَا فِي مَرْجٍ ، مَا أَكَلَتْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا أَجْرًا ، وَلَوْ سَقَاهَا مِنْ نَهْرٍ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ تُغَيِّبُهَا فِي بُطُونِهَا أَجْرٌ، - حَتَّى ذَكَرَ الْأَجْرَ فِي أَبْوَالِهَا وَأَرْوَاثِهَا - وَلَوْ اسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ، كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا أَجْرٌ، وَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ: فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا تَكَرُّمًا وَتَجَمُّلًا، وَلَا يَنْسَى حَقَّ ظُهُورِهَا، وَبُطُونِهَا فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا، وَأَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ وِزْرٌ فَالَّذِي يَتَّخِذُهَا أَشَرًا وَبَطَرًا، وَبَذَخًا وَرِيَاءَ النَّاسِ، فَذَاكَ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ ) . والحديث ايضا كما جاء في رواية لمسلم : (الْخَيْرُ مَعْقُوصٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ) ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، بِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: (الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . وإليكم معنى الحديث، وهو : أن الخيل المعدة كي تخرج إلى الجهاد في سبيل الله قد اقترن وارتبط بها الخير ولازَمها ، ليس بالأمس أو اليوم فقط ولكن إلى يوم القيامة ، حيث انها في كل سعيها ذلك لا تخرج عن الأجر ، والغنيمة ، ويمكن ان يظفر المسلم بهما معا . أما الأجر : فيكتسبه المسلم كلما أكلت الخيل أو شربت أو مشت ، أو حتى بالت ، كل هذا يكتب به الله لصاحبها أجرا . وأما الغنيمة : فيكتسبه المسلم عند النصر على الأعداء ، وأخذ أموالهم . ويجب الانتباه إلى أن المراد بقَوْلُهُ : (الْخَيْلُ) ، فقد فسره الحافظ ابن حجر رحمه الله ، قائلا : " إن الْمُرَادُ بِهَا مَا يُتَّخَذُ لِلْغَزْوِ ، بِأَنْ يُقَاتَلَ عَلَيْهِ ، أَوْ يُرْتَبَطَ لِأَجْلِ ذَلِكَ " . انتهى من "فتح الباري" (6/ 55) . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، عن تفسير كلمة " الخيل " : " المراد بالخيل: خيل الجهاد لأنه فسر هذا الخير بقوله: (الأجر والمغنم) وهذا إنما يكون في خيل الجهاد ، فخيل الجهاد في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون الحديث عاما؛ أي: الخيل كلها سواء كانت ممن يجاهد عليه أم لا ؛ للعموم " . ... انتهى من "شرح رياض الصالحين" . أما عن قوله عليه الصلاة و السلام : (معقود في نواصيها الخير) ، فقد فسرها المناوي رحمه الله ، قائلا : " أي منوط بها ملازم لها، كأنه عقد فيها ، لإعانته على جهاد أعداء الدين ، وقمع شر الكافرين ، وعدم قيام غيرها مقامها في الإجلاب والفر والكر عليهم " انتهى من "فيض القدير" . وقال النووي رحمه الله : " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَالْمُرَادُ قُبَيْلَ الْقِيَامَةِ بِيَسِيرٍ، أَيْ حَتَّى تَأْتِيَ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ تَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ " انتهى من "شرح النووي على مسلم" . ولا نعلم لهذا الحديث النبوي الشريف سببا آخر قيل من أجلهن إلا بهدف بيان فضل الخيل ، وفضل ارتباطها بالجهاد في سبيل الله . هذا والله سبحانه وتعالى أعلم وأجل .
;

إرسال تعليق

3 تعليقات